السالك ولد سيدي محمود: أي نمو لا ينعكس على واقع الناس هو ورم

[url=http://www.alakhbar.info/files/______________________________________6.jpg][img]http://www.alakhbar.info/index.php?rex_resize=180w________________________________________6.jpg[/img][/url]




قال النائب عن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، مقرر الميزانية في الجمعية الوطنية السالك ولد سيدي محمود إن " أي نمو اقتصادي لا يتجلى في واقع الناس وفي انحسار البطالة ولا يتجلى في القدرة الشرائية للمواطن ..لا يتجلى في الاستقرار في الأسعار ..لا يتجلى في الانتعاش الاقتصاي بشكل عام هو نمو غير طبيعي، وهو نمو يشبه الأورام السرطانية".
وعن رؤيته لسنة من الأداء الحكومي في الميدان الاقتصادي، قال ولد سيدي محمود السنة "الماضية كانت عادية لا هي أدت إلى تطور اقتصادي، كما أنها لم تؤد إلى تراجع اقتصادي يذكر"، واستنكر ولد سيدي محمود التلاعب بعواطف الشعب من طرف السياسيين ووزراء الدولة على حد سواء قائلا: "هناك نخبة سياسية ماهرة محترفة وهناك دهماء من الناس بسطاء لذلك يقوم النائب المعارض بدغدغة المشاعر والعزف على جميع الأوتار لأنه لا يرى أن هنالك من سيحاسبه". وعن رؤيته لمشاكل البلد الاقتصادية قال قد يكون "السبب في هذا أن البلد لا يتوفر على طبقة وسطى وهي أداة الاستقرار الاقتصادي لكنه أيضا لا يتوفر على طبقة وسطى في المجال السياسي".
وهذا هو النص الكامل للمقابلة:




الأخبار : بشكل مجمل كيف تقيمون سنة من حكم الرئيس سيد محمد ولد الشيخ عبد الله

السالك ولد سيد محمود : بسم الله الرحمن الرحيم أعتقد أنها سنة غير كاملة من الناحية الاقتصادية، لحصول تطورات مهمة، لذلك أعتقد أن السنة الماضية كانت عادية لا هي أدت إلى تطور اقتصادي، كما أنها لم تؤد إلى تراجع اقتصادي يذكر. اللهم ما كان بأسباب دولية مثل ارتفاع أسعار النفط وارتفاع أسعار المواد الأساسية، هناك أيضا واقع لايعود إلى هذه السنة وإنما يعود بقوة إلى ما قبلها كتراجع إنتاج بئر شنقيط الذي بدأت بوادره سنة 2006 وتجلت بشكل واضح سنة 2007 مما أدى إلى مراجعة الميزانية بعد تشكيل الحكومة الحالية حيث كان يفترض أن تكون عائدات هذا البئر 38 مليار حث كان لاإنتاج في حدود 75 ألف برميل يوميا وهو ما تراجع إلى حدود 10 آلاف برميل يوميا، وهو ما يعود إلى معطيات فنية خاطئة أعدت من طرف الجهات المعنية في تلك الفترة.

الأخبار : ما هو تعليقكم على الأرقام التي تحدثت عنها الحكومة فيما يتعلق بمستوى النمو والتوازنات الاقتصادية الكبرى؟.

السالك ولد سيدي محمود : هذه الأرقام بالنسبة لي لا تختلف عما كانت عليه في السنوات الماضية، وذلك أن الأرقام تبنى على معطيات إحصائية والمعطيات الإحصائية في البلد شحيحة وغير دقيقة، والمحاسبة الوطنية لا توفر بما فيه الكفاية والدولة لا تسيطر إلا على نسبة ضئيلة جدا من الاقتصاد الوطني، فهي لا تعرف حجم الثروة ولا تعرف حجم البطالة ولا تعرف حقيقة الفقر في البلاد وإن كانت تقدره بـ 46% في الوقت الذي يبلغ فيه الرقم واقعيا أكثر من 70% ، هذا بالتالي يجعلنا نرى أنه قد لا تكون هناك إرادة لتزوير المعطيات لكنها معطيات غير دقيقة بالمرة.
وأكثر الأمور غرابة هو أن معظم الدراسات التي تعتمد عليها إحصاءاتنا الوطنية مصدرها مكاتب دراسات أجنبية لا تعرف واقع الشعب الموريتاني ولا طبيعته، وبالتالي فالمعطيات تظل غير دقيقة، وأي نمو اقتصادي لا يتجلى في واقع الناس وفي انحسار البطالة ولا يتجلى في القدرة الشرائية للمواطن ..لا يتجلى في الاستقرار في الأسعار ..لا يتجلى في الانتعاش الاقتصاي بشكل عام هو نمو غير طبيعي، وهو نمو يشبه الأورام السرطانية.

الأخبار: البعض يعتبر أن هذه السنة تتالت فيها موجات ارتفاع الأسعار وتحركات السلطات كانت دائما تأتي كردة فعل، كيف تنظرون إلى هذه القضية؟


السالك ولد سيدي محمود: أتفق تماما مع القول إن السنة الماضية كانت صعبة للغاية بالنسبة للمواطنين لكنني قد أختلف في التحليل والتفسير مع الكثير من زملائي في المعارضة والأغلبية وآخذ عليهم أنهم استغلوا بساطة المواطن الموريتاني لتعبئته بما يريدون، وهنا أسجل ملاحظة قد تكون السبب في هذا وهي أن البلد لا يتوفر على طبقة وسطى وهي أداة الاستقرار الاقتصادي لكنه أيضا لا يتوفر على طبقة وسطى في المجال السياسي.
فهناك نخبة سياسية ماهرة محترفة وهناك دهماء من الناس بسطاء لذلك يقوم النائب المعارض بدغدغة المشاعر والعزف على جميع الأوتار لأنه لا يرى أن هنالك من سيحاسبه وأن أي طرح يتقدم به يظهر فيه مستوى من الديماغوجية سيؤثر على ناخبيه.
وفي نفس الوقت ترى الوزير الذي سيرد كلاما مرسلا بمعطيات غير دقيقة وأحيانا كاذبة وغير سليمة ومثالية وخيالية للغاية لأنه هو الآخر لا يلقي بالا لأن هناك رأيا عاما يمكن أن يحلل أقواله ويبين الثغرات الموجودة فيها مما سينعكس سلبا من دون شك، وبالتالي فنحن في هذا الواقع أمام وضعية صعبة للغاية والضحية فيها هو الرأي العام والحقيقة.
وبالتالي أنا أتفق مع القائلين أن السنة الماضية كانت سنة شديدة على المواطنين لكنني أختلف معهم في التفسير وفي تقديري أن أي نظام يأتي بعد نظام آخر يتطلب منه الوضع كثيرا من التغيير والبديل في المنظومة الاقتصادية بشكل عام فلكل نظام أيا كان زبناؤه الاقتصاديون المتعاملون معه الذين يسهلون له بعض الأمور ويحاولون مساعدته وقت الشدة، وبالتالي هذا النظام لم يشكل شبكته الاقتصادية بعد، ومن جهة أخرى هنالك أيضا شبكات خارجية وفاعلون اقتصاديون هؤلاء أيضا لم يقم النظام بمد جسور للتواصل معهم، هناك التمويلات الخارجية التي يعتمد عليها الحكومة الحالية وهي وعود المجموعة الاستشارية التي لم تدخل حيز التنفيذ.
وطبيعي أنه قبل أن تصل الأموال الخارجية فإن الاقتصاد الوطني في هذه السنة وفي السنوات التي سبقتها لم يكن قادرا على أن يعتمد على نفسه وإنما هو اقتصاد مدعوم من الخارج وبالتالي شهدت هذه السنة خلوه من أي تمويل اقتصادي خارجي، مما زاد من صعوبتها.

العامل الثاني يتعلق بالكوارث الطبيعية أضف إلى ذلك الأبعاد السياسية المعروفة، وفي تقديري يتعلق الأمر بأنه في السنوات الماضية كانت هناك أموال كثيرة خارج دورة الاقتصاد الوطني هذه الأموال قد تكون سحبت من السوق لسبب أو لآخر ومصدر هذه الأموال. الله أعلم ، على كل حال هذا الواقع ربط بين ما حصل من تصادم مع شبكات تهريب المخدرات فقد تكون الأموال التي لم تكن ضمن الدورة الاقتصادية وإن كانت تسهم لحد ما في تخفيف وطأة الفقر.
هذا زيادة على عامل الفساد فمهما قيل عن فساد الإدارة الحالية وعدم حصول ما كان يأمل الشعب وما كان يريده إلا أنني لا أعفي الحكومة من المسؤولية عن مصير الناس لكن لا أحملها المسؤولية الكاملة فالقضية ذات أبعاد متعددة وتحتاج تحليلا اقتصاديا واقعيا ودقيقا.

الأخبار: كيف تنظرون إلى الدور الذي قامت به الحكومة فيما يتعلق بالمجموعة الاستشارية وأسلوب ونتائج المفاوضات ؟

السالك ولد سيدي محمود: الأمر مهم بالنسبة للبلد، لكن البعض ينظر إليها على أنها تمويلات فوق العادة وأنها مغنم ومكسب للحكومة الحالية، وبحسب معرفتي المتواضعة فالحكومات منذ الاستقلال تتلقى دعما خارجيا، لأن هذا الدعم إذا نظرنا إليه بعمق نجد أنه إرادة من الدول المانحة والكبيرة، وهي أن تكون لها مسحة أخلاقية تجاه الفقراء من خلال حوار الجنوب والشمال، ثم أيضا في تحاليلهم الاقتصادية فإن ما يقدمونه من مساعدات يعود بالنفع على اقتصادهم بانتعاش اقتصاديات العالم الثالث، وبالتالي فإن هذا الأمر سيسهم في انتعاش حركة الاستيراد والتصدير.
وبالتالي أعتقد أن الدعم الموجه للبلد ظل سخيا بغض النظر عمن يحكم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أحسب أن دعم البلاد مهم من جميع الفاعلين وعليهم أن يركزوا جهودهم من أجل استيعاب هذه التمويلات واستغلالها أحسن استغلال وأخذ العبرة من التمويلات التي تم الحصول عليها خلال السنوات الماضية والتي ذهبت سدى ولم تؤد دورها في خدمة الوطن، وهذا ما يقتضي القضاء على الارتجالية والفوضى وسوء التسيير الذي ترك بصماته واضحة على الساحة الوطنية من فساد اقتصادي وسياسي؛ فنحن اتجهنا إلى الزراعة فوزعنا الأموال الكثيرة على مجموعة من المضاربين والمفسدين، واتجهنا إلى الصيد فلم يعد بنتائج ذات بال على الوطن والمواطن، نحن الآن بحاجة إلى أن نخطط وإلى أن نحدد ما ذا نريد من قطاعاتنا، لكي نسد النقص الحاصل في كل مستوى على صعيد التنمية البشرية والتعليم والصحة إلى غير ذلك.


الأخبار: كيف تعلق على المسار الذي أخذه التعامل الحكومي مع شركة الخطوط الجوية؟.
السالك ولد سيدي محمود: إذا عدنا إلى الوراء وجدنا أنها في إفلاس منذ سنوات عديدة والقرار تجاهها تأخر نتيجة تردد الحكومات السابقة من خوصصة تامة، إلى استعادة الدولة لمسؤوليتها، ويمكن القول إن الموضوع شابته شوائب التسيير الماضية ولم يتعامل معه تعاملا وطنيا رغم أن الشركة هي شركة تجارية وهي شركة استثمارية، والحديث عنها حديث تجاري مفرداته هي الربح والخسارة، صحيح أن هنالك سحنة سياسية لا بد أن تظهر خصوصا أن الشركة تمثل رمزا من رموز السيادة وتحمل العلم الوطني وفي تقديري أن التمويلات التي حاولت الدولة أن تصحح بها وضع الشركة في الفترات الماضية لو أنها درست الموضوع دراسة اقتصادية لكان بالإمكان أن تتلافي الوضعية التي آلت إليها الشركة.
وفي تقديري يجب أن نفصل بين بعدين؛ فنحن في إطار المعلومات المتوفرة فإن الخطوط الجوية الموريتانية غير قادرة على المنافسة وغير قادرة على الاستمرار، أما من الناحية الاجتماعية فالدولة ملزمة أن توجد حلا للمواطنين الذين كانوا يعملون في هذه الشركة والذين لا ذنب لهم في إفلاسها، وقد أعطوا ثمرة عمرهم وشبابهم، ليجدوا أنفسهم في الشوارع بعد ذلك، وبالتالي يتوجب على الدولة تحمل مسؤولياتها في هذا الاتجاه.

الأخبار: كيف تنظرون إلى مساعي الخصخصة المطروحة بشأن شركة الصناعة والمناجم "اسنيم"؟.
السالك ولد سيدي محمود: بالنسبة لشركة "اسنيم" الموضوع يختلف فالشركة ذات رأس مال مختلط والدولة لا تملك منها سوى 80% والشركة تعمل في مجال مهم جدا وهو مجال الحديد والمعادن ويعرفون أن أسعار الحديد في ارتفاع مطرد وفي تقديري أنه سيستمر في ذلك الاطراد ولو شهد تراجعا فالحديد معناه التصنيع فمهما يقل أن هناك اكتشافا لمعادن هامة ونفيسة في مناطق مختلفة من العالم وأن ذلك سيؤثر سلبا على الشركة فهذا غير صحيح فبقدر ما تتسع اكتشافات الحديد بقدر ما تتسع الحاجة إليه نظرا لمحورية هذا المعدن الهام في التصنيع على المستوى العالمي، إّذا هي شركة مستقرة وفي وضعية مالية مريحة فليس هناك ضرورة لبيعها ولا لفتح رأس مالها طبعا هناك حقيقة يجب أن نشير إليها وهي أنه رغم ارتفاع سعر الحديد فإن إسهام هذه الشركة في الاقتصاد الوطني لا يزال دون المستوى بسبب أن الشركة لا تتوفر على رأس المال الكافي لإقامة صناعات تحويلية لنزع شوائب الحديد وتنقيته والقيام ببعض الصناعات الأولية ولو على الأقل لسد حاجيات السوق الوطني، وهذا يدعو إلى التفكير في رسم خطة اقتصادية كما أسلفت من أجل أن توفر الدولة موارد سواء عن طريق تمويلات أجنبية أو عن طريق الخصوصيين الموريتانيين، حتى يستطيع الحديد الموريتاني الإسهام بكل مردوديته في مسيرة الاقتصاد الوطني، ومن ثم تكون هذه الشركة قادرة على أن تتطور ذاتيا فمنذ استقلال البلاد والشركة لم تتطور بل تراجعت، حيث سبق وأن أقامت فروعا من أجل صهر الحديد ومن أجل القيام ببعض الصناعات، وهذه الفروع تراجعت وبعضها تم إغلاقه فيجب أن تعيد صياغة مشروعها التنموي من جديد، ويجب أن تعمل على زيادة رأس مالها لكن في إطارها الوطني ما أمكن.

الأخبار: كيف تقيم أداء الحكومة في إطار الخطة الاستعجالية؟